responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 174
[سُورَة آل عمرَان (3) : آيَة 177]
إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (177)
تَكْرِيرٌ لِجُمْلَةِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً قُصِدَ بِهِ، مَعَ التَّأْكِيدِ، إِفَادَةُ هَذَا الْخَبَرِ اسْتِقْلَالًا لِلِاهْتِمَامِ بِهِ بَعْدَ أَنْ ذُكِرَ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيلِ لِتَسْلِيَةِ الرَّسُولِ. وَفِي اخْتِلَافِ الصِّلَتَيْنِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ مَضْمُونَ كُلِّ صِلَةٍ مِنْهُمَا هُوَ سَبَبُ الْخَبَرِ الثَّابِتِ لِمَوْصُولِهَا، وَتَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ:
إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً الْمُتَقَدِّمُ، كَقَوْلِ لَبِيَدٍ:
كَدُخَانِ نَارٍ سَاطِعٌ أَسْنَامُهَا بَعْدَ قَوْلِهِ:
كَدُخَانِ مُشْعَلَةٍ يُشَبُّ ضِرَامُهَا مَعَ زِيَادَةِ بَيَانِ اشْتِهَارِهِمْ هُمْ بِمَضْمُونِ الصِّلَةِ.
وَالِاشْتِرَاءُ مُسْتَعَارٌ لِلِاسْتِبْدَالِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فِي سُورَة الْبَقَرَة [16] .
[178]

[سُورَة آل عمرَان (3) : آيَة 178]
وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (178)
عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً [آل عمرَان: 169] وَالْمَقْصُودُ مُقَابَلَةُ الْإِعْلَامِ بِخِلَافِ الْحُسْبَانِ فِي حَالَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا تَلُوحُ لِلنَّاظِرِ حَالَةَ ضُرٍّ، وَالْأُخْرَى تَلُوحُ حَالَةَ خَيْرٍ، فَأَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّ كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ عَلَى خِلَافِ مَا يَتَرَاءَى لِلنَّاظِرِينَ.
وَيَجُوزُ كَوْنُهُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ: وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ [آل عمرَان:
176] إِذْ نَهَاهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِحُزْنِهِ، لِأَنَّهُمْ لَا يَضُرُّونَ اللَّهَ شَيْئًا، ثُمَّ أَلْقَى إِلَيْهِ خَبَرًا لِقَصْدِ إِبْلَاغِهِ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَإِخْوَانِهِمُ الْمُنَافِقِينَ: أَنْ لَا يَحْسَبُوا أَنَّ بَقَاءَهُمْ نَفْعٌ لَهُمْ بَلْ هُوَ إِمْلَاءٌ لَهُمْ يَزْدَادُونَ بِهِ آثَامًا، لِيَكُونَ أَخْذُهُمْ بَعْدَ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 174
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست